|
عقب إعلانها بيوم واحد فقط , قوبلت مبادرة المشترك الأخيرة لحل الأزمة السياسية الراهنة بموقفين مختلفين, الأول مثله موقف الرئيس صالح الذي أبدى استعداده لبحث مسألة التداول السلمي للسلطة في إطار الدستور وعدم ليّ الأذرع كما قال, لكن شريطة أن يقوم المشترك بإنهاء الاعتصامات وما أسماه بقطع الطرق والإغتيالات, وإنهاء حالة التمرد في بعض وحدات القوات المسلحة على حد وصفه!! بيد أن صالح لم يكتف بإعلان موقف سياسي من المبادرة السياسية للمشترك, بل ذهب يرد بقسوة وعنف على المبادرة عبر إرتكاب مجزرة دموية بشعة حصدت أكثر من إثني عشر قتيلاً في تعز وما يزيد عن 400 جريح, في حين كانت قواته وبلاطجته قبل المجزرة بيوم واحد قد هاجمت المعتصمين في ساحة الحرية بمدينة تعز وخلّفت ورائها ثلاثة قتلى ومايربوا على (1700) جريح, في الوقت هاجمت قواته المعتصمين في مدينة الحديدة تاركة ورائها مئات الجرحى والمصابين!! تلك كانت رسالة صالح للمشترك رداً على مبادرته التي طالبته بالتنحي ونقل صلاحياته لنائبه, وبالمناسبة فمبادرة المشترك التي حاولت إظهار حسن النوايا تجاه صالح, ومساعدته على الخروج بصورة مشرفة لم تتعرض لأبناء الرئيس وأقاربه كما يُصّر على ذلك الثوار المعتصمون في الساحات والميادين, لكن صالح لم يلتقط طرف الخيط , ولم يتعاطى بشكل إيجابي مع مبادرة المشترك, وفضل عوضاً عن ذلك لغة العنف والقتل التي يجيدها الأمن المركزي والحرس الجمهوري وبلاطجة الحزب الحاكم.
حان وقت رحيل صالح
الموقف الآخر (من مبادرة المشترك) عبّر عنه بوضوح- بُعيد إعلانها بيوم واحد فقط - حلفاء النظام الأمريكيين والخليجيين, فهؤلاء وجدوا في مبادرة المشترك مخرجاً معقولاً لإنهاء أزمة النظام السياسي في اليمن, ومن ثم انحازوا إليها كونها تمثل أفضل الحلول المتاحة, وفي هذا السياق, قال الأمريكيون بأنهم توصلوا إلى(قناعة) أنه من غير المحتمل أن يقوم صالح بإحداث الإصلاحات المطلوبة في اليمن، وبالتالي صار يتعين تسهيل خروجه من السلطة, طبقاً لصحيفة (نيويورك تايمز) التي أضافت أنه " في حين أن المسؤولين الأميركيين لم يضغطوا علناً من أجل رحيل صالح إلا أنهم أبلغوا الحلفاء بأنهم يرون الآن تمسكه بالسلطة بات واهياً, وأنه ينبغي أن يرحل. وأوردت (الصحيفة) أن مسؤولين أميركيين أبلغوا حلفاءهم اليمنيين أن "هذا الموقف الأميركي غير قابل للاستمرار بالنظر إلى الاحتجاجات الشعبية الكبيرة التي يواجهها صالح، وأنه على الرئيس اليمني مغادرة السلطة". الموقف الأمريكي الجديد تجاه الأزمة اليمنية جاء عقب استبعاد الولايات المتحدة الأمريكية أن تكون ما يسمى بالقاعدة وراء حادث تفجير مصنع الذخيرة بأبين الأسبوع الفائت والذي أودى بحياة أكثر من 200 شهيد وإصابة العشرات, حيث قال المتحدث باسم الخارجية الأمريكية إنه يعتقد أن لاوجود لارتباط بين تفجيرات مصنع الذخيرة بأبين وتنظيم القاعدة. ويكشف الموقف الأمريكي الجديد سقوط ورقة الإرهاب في اليمن, وإخفاق صالح ونظامه في اللعب بهذه الورقة من إجل إقناع حلفائه بالتمسك به. ويمكن القول- إستناداً إلى ما سبق- أن الحليف الأكبر لنظام صالح وهي الولايات المتحدة قررت بالفعل نزع غطائها السياسي عنه, بعدما تيقنت أن صالح خسر كل حلفائه في الداخل, وأن الاحتجاجات الشعبية المناوئه له لم يعد بالإمكان تجاهلها.
وعلى الفور سارع الخليجيون إلى التقاط طرف الخيط (الأمريكي) وأعلنوا موقفهم من الأزمة اليمنية في مؤتمرهم الأخير الذي اتفقوا فيه على إجراء "اتصالات" مع الحكومة والمعارضة في اليمن لحل الأزمة الداخلية التي تعاني منها هذه الدولة منذ أكثر من شهر. وجاء في البيان الختامي للاجتماع الوزاري الطارئ أن دول مجلس التعاون "اتفقت على اجراء اتصالات مع الحكومة والمعارضة اليمنية من خلال أفكار لتجاوز الوضع الراهن". وأكد المجلس "احترامه لارادة وخيارات الشعب اليمني بما يحفظ وحدة اليمن الشقيق ويصون استقراره وامنه ومكتسباته الوطنية". وهو موقف واضح ينحاز بصراحة لخيار الشعب. ويمثل تأجيل مؤتمر أصدقاء اليمن الذي كان من المقرر إنعقاده في الرياض آواخر مارس الفائت لتقديم الدعم والمساندة لحكومة صالح بمثابة رسالة أخرى واضحة للنظام بأنه ما عاد يمثل الشعب اليمني. أضف إلى ذلك فإن مجزرة صالح الأخيرة في محافظة تعز, والتي راح ضحيتها مئات القتلى والجرحى ستقلب الطاولة عليه ليس داخلياً فحسب, بل وخارجياً, وستدفع حلفاء النظام للضغط عليه بشكل أكبر لمغادرة السلطة.
مبادرة المشترك
في الأربعاء 06 إبريل-نيسان 2011 03:54:57 م